F
ميابيلا ميابيلا
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...

ماذا تعلمت من الإبتلاء ؟

ماذا تعلمت من الإبتلاء ؟ 



ماذا تعلمت من الإبتلاء ؟



    لا أحد يتمنى الألم أو يسعى وراءه، غير أنه يكون أحيانا ضرورة لصقل شخصية الإنسان، وكما جاء في حديث رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم { اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم }


قصتي مع الإبتلاء


  في مرحلة ما .. كاد الألم أن يدخلني في دهاليز مظلمة ؛ ما بين دموع أسرتي المغلوبة على أمرها حيال وضعي ، وجهودها الكليلة للتخفيف عن صغيرتهم المدللة .. وبين قيود المرض ومصارعة الألم ..

كرسي المتحرك ؛ صديقي اللدود الذي لا أكاد أفارقه حتى أعود إليه ، ولم يعد لي غنى عنه ..


كنت أنظر إلى أمي ، والأسى يملأ عينيها ، أبي الغالي رحمه الله ورزقه جنة الفردوس ، وقد وضع الدهر عليه بصمته ، وأضعف ذاكرته ، قلما كان يتعرف على من يحدثه ، لكن ما أن أفعل إلا وتسبق الدموع كلماته ودعواته الحانية ..

صغيرتاي البريئتان ، وعجزي التام عن ضمهما إلى صدري ، لم تستوعب المسكينتين بعد ما حل بأمهما ..

شمل أسرتي الصغيرة الذي تشتت ، أنا في مكان ، وزوجي في مكان وابنتانا في آخر ..

ثم أعود إليّ .. بقايا امرأة .. أطلال على كرسي متحرك ..


أمور اجتمعت علي جملة واحدة ، ضاعفت فيّ الأوجاع تضاعف الصورة في المرايا ، وهذا الشريط الذي يمر أمامي كل يوم .. يسد الأفق ، ويكتم الأنفاس ..  أيقنت أني هالكة لا محالة ولابد أنها النهاية ، إن استسلمت لريح الجزع اللواحة بالخطر .. 


بيد أن هاتف الإيمان واليقين بداخلي أيقظني ، وأزاح عني غشاوةً أوشكت أن تذهلني عن النعم الكثيرة المتبقية ، وعن تربية ابنتيّ . شللي الجسدي لا يمكن أن يحول بيني وبين اتمام رسالتي كأم ، وحاشا أن نُضيّع الدين لفقد عرض من عرض الدنيا!

 " الصبر والرجاء هما عدة المؤمن في اليوم والغد، يتحمل في ظلهما المصائب الفادحة، فلا يذل بل يظل محصنا من نواحيه كلها عاليا على الأحداث والفتن؛ لأنه مؤمن والمؤمن لا يضرع إلا لله " الغزالي



ماذا تعلمت من الإبتلاء ؟
ماذا تعلمت من الإبتلاء ؟ 




ماذا تعلمت من الإبتلاء ؟ 


      لملمت شتاتي ، وطويت نفسي على ما بها ، وعمدت لتنمية الفكر وتوسيع آفاقه ، وفي نفس الوقت كنت أتكيف مع الوضع .. 

بدأت أعتاد رويدا رويدا على القعود مقيدة الأطراف ، لكن فكري كان يجوب الآفاق ، وروحي تطير بابتهالاتها في ملكوت الله .. ثم دأبت اتعلم الكتابة بفمي بدل يدي .. 

وجدت صعوبة في البداية ، بيد أني مع كل تقدم كنت احرزه أجد نشوة الإنجاز تهون عليّ مرارة الصعب ، وبدأت تظهر هوايات طُمرت بعد زواجي وانهماكي بتبعاته. 


الإنسان في الفترات الصعبة يكون كمن يأخذ دروسا مكثفة ومركزة دفعةً واحدةً . وما نتعلمه حينها، ربما ما كنا لنتعلمه أبداً لو ظللنا في دائرة الجِمام والدّعة التي كنا ننعم بها . تلك الأوقات الصعبة والقاسية جعلتني أكثر صلابة، وأكثر نضجا من ذي قبل ، واستطعمت بفضل الله لذة الانتقال من طور التألم إلى طور التعلم ، ومن دركات الاضمحلال والضمور إلى مراتب النور ، فارتفعت همّتي إلى تأسيس حياة أرقى مما مضى، وقطعت التفكير فيـما فات وانقضى .. 


أستطيع أن أقول ، ولله الفضل والمنة ينعم بالبلية ، وما يأخذ إلا ليجزل العطية ، له الحمد حمدا يوافي نعمه الجلية والخفية ، أن ارهاصات الحياة التي مررت بها بالرغم من ضراوتها ، إلا أنها مكنتني من الوقوف شامخة أمام أعتى العواصف التي يمكن أن تتعرض لها امرأة ، والقوة التي أشعر بها اللحظة ، رغم ما بي من ضعف جسديّ ، لم يكن رصيدي منها بهذا القدر عندما كنت في كامل صحتي .


   وصدق الغزالي رحمه الله في قوله الصبر الجميل ثمرة لا تبدو إلا عند من أنضجتهم حرارة المصائب ، فكان هذا الصبر دليل اكتمال الإيمان ، وشدة عود الإنسان . فاللهم يارب أرزقنا الرضا وشكر النعمة وقت الرخاء ، وارزقنا الصبروالحكمة وقت البلاء ، واجعلنا ممن لجأ إليك ، ووضع شكواه بين يديك ، فاكتمل إيمانه ، وجمل صبره . 

ودمتم بسلام ووئام مليكة

               

عن الكاتب

مليكة بالكشة صانعة محتوى وكاتبة مقالات على عدة مواقع، متتبعة لسبل التعليم الذاتي والتطوير المستمر، تم اختياري في 2015 سفيرة لمنصة إدراك التي نهلت من مبادراتها الكثير. كنت أول مغربية تحظى بهذا اللقب، واعتبرته وساما وشّح مسار تعلمي، شحذ همتي لطموحات اخرى في الانترنت الذي أتاح لي فرصا ما كانت لتحقق لولا تيسير الله للجني من محامده التي لا تجحد. مما رسّخ قناعتي بأن أفضل سبيل للتغلب على الصعوبات التي تعترض طريقنا، هو الإنجاز والصمود أمام المواقف ومواجهتها بمرونة وعدم تشنج أوانفعال. ولإيماني بأن تغيير نمطية التفكير عندما يكون بفلسفة المحبة تكون طاقته أعلى في التأثير، حركتني عاطفة جياشة لتأسيس مابيلا، التي أشارك بها تجربتي كما تجارب إنسانية أخر ربما تنفع أو تعين شخصا، بطريقة ما، في تحسين جودة حياته، كما أدوّن أفكارا في مواضيع حياتية مجتمعية أناقشها ليس كطبيبة، ولا مختصة، وإنما كإنسانة تعلمت مما جادت به مواقف الحياة المختلفة، بعد تجربة مرضية غيرت مجرى حياتي بالكامل.. وجعلتني أصمد وأقف قوية في أشد حالات الضعف.. وعلمتني بأن ما ندركه في أوقات الألم لا ندركه أبدا في أوقات الدعة والدلال.. وأن ما نمر به يوميا من محن ومرارات ليس عبثيا.. بل حكمة الهية لتغيير اتجاه بوصلة قلوبنا للأوبة الخالصة إليه سبحانه.. مليكة بالكشة

التعليقات

No

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

ميابيلا