سر منزل درنة "المعجزة" الذي صمد في وجه الطوفان في ليبيا
حقيقة المنزل: صمود وقوة في وجه الفيضانات في درنة الليبية
في أحد المشاهد بمدينة درنة أثناء الفيضان الذي تعرضت له ليبيا الشقيقة، برزت صور تظهر منزلا سلم من العاصفة العاتية التي ضربت المدينة. وهذا ما وثقته الصور الجوية مثبتة أن الأمواج التي وصل ارتفاعها إلى 30 متر في درنة لم تؤثر في المنزل، بينما دُمرت العديد من المباني وجرف الطوفان اغلبها.
المنزل الذي بات معروفًا باسم "المنزل المعجزة" و"المنزل الصامد"، منزل بسيط مكون من طابقين يقع في مدينة درنة الليبية المنكوبة، لم تصب جدرانه واساساته ولا حتى طلاؤه بضرر يذكر كأنه لم يشهد فيضانا بالحجم الذي رأيناه. بدا المنزل طبيعيا وكأنه حديث البناء، واقفا بين أنقاض المباني المحيطة به، باستثناء عدد قليل منها بقي قائما لكن لحقتها اضرار متفاوتة الشدة.
وكأنه لم يشهد الكارثة.. منزل يثير الدهشة بعدما ظل صامدًا أمام عاصفة #دانيال#ليبيا #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/DYO3PrUK3H
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) September 19, 2023
الصورة التي انتشرت للمنزل أثارت حالة من الجدل والتساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي في ليبيا. انقسمت الآراء بين مصدقين ومشككين في صحة الصورة؛ قالوا بأن الصورة مفبركة وتم تعديلها باستخدام برامج تعديل الصور مثل "فوتوشوب وأن المنزل ليس موجودًا في درنة من الاساس..
من جهة أخرى، أكد سكان درنة أن الصورة صحيحة وأن المنزل كائن في المدينة. وللتحقق من صحة الأمر اكثر، تم اللجوء لصور الأقمار الصناعية وخرائط جوجل لتحديد موقع المنزل وارسلت بعض المصادر الاخبارية عناصرها الى عين المكان. وقد أظهرت هذه الأدلة أن المنزل موجود في درنة ويبعد عن الشاطئ مسافة 400 متر فقط، وأن الأمواج العاتية التي وصلت إلى ارتفاع 30 مترًا في درنة لم تؤثر بشكل كبير في المنزل المعجزة. ووفقًا لمعلومات محلية من سكان درنة انفسهم، يعود المنزل إلى شيخ يدعى "عادل بو دراعة"، وهو إمام مسجد وكافل لاثنتي عشرة أيتام في المدينة.
منظر البيت وهو ثابت وسط الخراب الذي تركه فيضان ليبيا، ذكرني بمشهد أثارنا ونحن في رحلة سفر متجهين إلى أقصى الجنوب الشرقي، عند مرورنا بمنطقة أوفوس التي أصابها حريق مهول قبل عامين بسبب ارتفاع كبير في درجة الحرارة، أدى إلى تفحم أشجار النخيل على امتداد مسافات واسعة، لكن استغربنا من وجود أرض سليمة وسط الرماد، لم يمسسها لهيب النار ولم يقترب من نخيلها، تعجبنا لذلك، وتساءلنا يومها عن السر الذي بين صاحبها وبين الله حتى ينجي الله أرضه وأشجاره بأعجوبة
من الصعب الحديث عن نجاة بيت واحد في مدينة، أمام الخسائر البشرية والمادية الجسيمة والصور الأليمة التي خلفها إعصار "دانيال". عدة مدن ليبية خربت واختفى سكانها، منها درنة التي لم تعد صالحة للسكن، كما جرف الفيضان مناطق بأكملها وأدى إلى وفاة الآلاف، ولا تزال عمليات انتشال الضحايا، والبحث عن أحياء متواصلة لثسعة أيام متواصلة. الكارثة دفعت منظمات إغاثة والصحة العالمية إلى دعوة السلطات الليبية إلى دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، نظرًا للأعداد الهائلة للضحايا. فرحم الله موتى الفيضان في ليبيا رحمة واسعة ونسأله سبحانه أن يرزق أهاليهم الصبر والثبات لتجاوز المصاب.
وبغض النظر عن الجدل الذي أثير حول صحة الصورة من عدمها، فان كفالة اليتيم هي واحدة من أعظم الأعمال الصالحة التي يحث عليها الإسلام وتحمل مكانة خاصة في قلوب المسلمين. ولا عجب إن رأينا نجاة بيت من حرق أو غرق، فصنائع المعروف تقي مصارع السوء. "وأفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدَّق عليه، وكانت دائمة مستمرَّة" كما قال ابن القيم.
ولنا رسائل في تثبيت امنا خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور"كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
إن اكساب المعدوم وجبر خاطر اليتيم والمكلوم، لمن بين السجايا الحافظة لأصحابها والمنجية لهم من الهلاك والخزي؛ لأنها حالات يكون فيها الانسان يمر بضعف وهوان، ومن يرحمه في حالته تلك ويجبر بخاطره فهو خليق بنيل الرحمة من الله في الدنيا والاخرة.
تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...