توجيهات هامة للمقبيلين على الزواج
![]() |
توجيهات هامة للمقبيلين على الزواج |
المحور الأخيرفي سلسلة ' أهمية الأسرة في المجتمع ': بالنسبـة للمقبليـن على الزواج و المتزوجيـن :
أ - الرسائـل و التوجيهـات :
1) الزواج عبادة لله و
طاعة و قربى بكل ما في الكلمة من معنى أساسه الكريم الراقي الصحبة بين الزوجين
القائمة على الود و الإيناس و التآلف، « هو الذي خلقكم مـن نفـس واحـدة و خلـق
منهـا زوجهـا ليسكـن إليهـا» (سورة الأعراف الآية 119) « و من آياته أن خلق
لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة » (سورة الروم
الآية 20)، و غايته إيجاد أجيال تحقق رسالة الوجود الإنساني على وجه الأرض، و
يتعاون الأبوان في كنف الأسرة على تربية ذرية سليمة الفكر و القلب شريفة السلوك و
الغاية، و لذلك يكون سقوطا في التفكيـر فهـم الزواج على أنـه محض رباط جنسي و حسب،
أو مجرد التقاء لمزيد من الإنتاج و التناسل، و تفريخ أجيال كيفما اتفق لا تعي
مقصدا و لا تفقه غاية.
2) فترة الخطبة يحسن
أن لا تطول، و أن تقف علاقة الخطيبين خلالها عند حدود ضوابط الشرع، فلا خلوة و لا
تهتك، و لا خلاعة و لا مجون، و لا خضوع بالقول لإهاجة العواطف الساكنة و تحريك
الغرائز الهاجعة، و أي خروج للخطيبين أو لقاء بينهما، يتعين أن يكون بمحضر الأهل،
أو على الأقل بمحضر ذي محرم عاقل راشد، و ذلك درءا للوقوع في المحظور و السقوط في
الزلل مما يزري بالفتاة و أهلها و يدخلهم في دوامة من المتاهات قد لا يتحصلون منها
على شيء، ذلك أن الخطبة ليست زواجا و إنما مجرد تواعد رجل و امرأة عليه (المادة 06
من مدونة الأسرة)، و أن طرفيها يعتبران في فترة خطبة إلى حين الإشهاد على العقد، و
لكل منهما حق العدول عنها(المادة 07 من المدونة)(1).
3) الزواج رباط حر بين
طرفين كاملي الإرادة، فلا الرجل يكره على أخذ من لا يحب، و لا الفتاة ترغم على
قبول من تبغض، لكن على كل منهما أن يحسن الاختيار بالتركيز على أهل التقـى و
الصلاح و الخلق الكريم و المنشأ الطيب، و عدم اللهث وراء جمال في منبت سوء، أو غنى
أو جاه أو أية مظاهر أخرى يعمي بريق ظاهرها عن حقيقة مخبرها و فساد جوهرها.
4) بيت الزوجية هو
المأوى الطبيعي لكلا الجنسين و المستقر الوحيد الزكي لعلاقتهما، إنه الكهـف الوحيد
للزوجيـن، فيه يلتقيـان على الطهر و الإحصان و العفاف، و في إطاره تتحقق مبادئ
الرحمة و السكينة و المعاشرة بالمعروف المؤدية إلى استقرار الأسرة، و كل وطر يقضى
خارج أسواره، إنما هو هتك لحرمات الله و تجاوز لحدوده سبحانه.
5) حذار ثم حذار من
الزيجات التي تنسج خيوطها عن طريق التواصل عبر الشبكة العنكبوتية (الانترنيت) ، و
ذلك بمنأى عن الأهل و في غفلة منهم .
(1) جاء في المادة
47 من ميثاق الأسرة في الإسلام ما يلي :
( الخطبة ليست زواجا
و لا شبهة زواج، و إنما مواعدة على الزواج بين رجل و امرأة، لا تثبت حقا و لا تحل
حراما، و لا يحل لأحدهمـا من الآخر سوى النظـر إليه عنـد الخطبة، تحقيقا للرضاء
به، و تظـل أجنبية عنه حتى ينعقد العقد).
|
6) القوامة لا تعني
القهر، لأن القهر ظلم، و الظلم حرام شرعا، و الشورى ضرورية لتسييـر شؤون البيـت
لأنها مسؤولية مشتركة بيـن الزوجيـن (المادة 04 من المدونة و المادة 60 من
الميثاق) ، و الحقوق و الواجبات متبادلـة ، و المساواة بين الجنسين ثابتة بنص القرآن
إلا فيما خصص، و ليس ثمة مانع شرعي من توزيع الأعباء الاجتماعية بين الرجل و
المرأة بما يحقق المصلحة العامة للأسرة و المجتمع (المادة 51 من المدونة و
المادتان 06 و 56 من الميثاق ) ، و على الرجل أن يراعي في علاقته بزوجته حدود الله
التي هي الضوابط المانعة للفوضى و الاستخفاف و الاستضعاف، إنها ضوابط الفطرة و
العقل و الوحي، التي تقيم الموازين القسط بين الناس.
القوامة إذن ليست قوامة قهر و
تسلط، و لكنها مسؤولية وجوب و تكليف لرعاية الأسـرة و حمايتها و صيانتها، و ضمان
مصالحـها المادية و كفالتها بالعمـل و الكسب و تحصيل المال (المادة 59 من
الميثاق) ، و بكلمة واحدة : القوامة تكليف قبل أن تكون تشريفا و تضحية قبل أن تكون
وجاهة .
7) ضرورة مراعاة الوظائف ، فالوظيفة الأساس للزوج هي العمل و الكد خارج
البيـت لإعالة أسرتـه ، بينما الوظيفـة الأساس للزوجة هي القيام بشؤون البيت و
السهر على توفير جو من الراحة و الهناءة و الحياة الوادعة للـزوج و الأبناء ، و
يكمن أن تجمع المرأة بين العمل داخل البيت و خارجه في إطار من التقـوى و العفاف
يحفظ كيان الأسرة في حاضرها و مستقبلها، و في جميع الأحوال، تبقى نفقة الزوجة و
الأبناء واجبة على الزوج (المادتان 194 و 197 من المدونة و المواد 07 08 09 70
، 71، 76 و 107 من الميثاق) و لا يستساغ بحال أن تعكس الآية فيقبع الرجل في
المنزل منتظرا من زوجته أن تكدح و تشقى لتوفر له و لأبنائهما لقمة العيش و متطلبات
الحياة .
8) على
الزوجة أن لا ترهق كاهل زوجها بكثرة الطلبات و النفقات التي يضيق دخله عن القدرة
على تلبيتها، « لينفق ذو سعة من سعته، و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه
الله، لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا» (الآية 07 من
سورة الطلاق) و في المقابل على الزوج أن لا يسيء تقدير الأمور، فيضيع مصالح زوجه و
بنيه أو يمتنع عن سد ثغورها، في حين يعطي بسخاء في وجوه أخرى، فيقلب بذلك سلم
أولويات الإنفاق، و على الزوجين أن يعلما بيقين أن النفقة التي لا بد للبيت منها،
و التي يسعد ببذلها ليست من المستهلكات الضائعة، بل هي من الزكوات الباقية، فعن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: (دينار أنفقته في سبيل الله، و
دينار أنفقته على رقبة، و دينار تصدقت به على مسكين، و دينار أنفقته على أهلك،
أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك) (رواه مسلم)، بمعنى أن النفقة على الأهل في
حدود الوسع و الطاقة تسبق في مضمار الخير ما ينفق في ميدان الجهاد و تحرير الرقاب
و الصدقات.
9) زيارة
أهـل الزوجيـن و استزارتهـم يجب أن تقف عند حدود المعروف و المعقول و الاعتدال
(المادة 51 من المدونة و 69 من الميثاق)، و ليس من حق أي من الزوجين أن يعمل على
قطع حبال الود و وشائج القربى بين الزوج الآخر و أهله، و يفرض عليه بالمقابل
تعاملا مناقضا مع أهله هو، بالإفراط في زيارتهم و استزارتهم.
و استجمـاعا لما سبـق سرده مـن
رسائل و توجيهـات، و انسجامـا معـه، يحسـن الوقـوف عنـد نـص المـادة 51 مـن مدونـةالأسـرة لأهميتـه البالغـة.(1)
ونختم بقول الله تعالى في مستهل سورة النساء « يا أيها
الناس اتقوا ربكم الذي خلقكـم من نفس واحدة و خلق منها زوجهـا و بث منهما رجالا كثيرا
و نساء » و في الآية 72 من سورة النحل، نقرأ قوله سبحانه: « و الله جعل لكم من
أنفسكم أزواجا و جعل لكم من أزواجكم بنين و حفدة » و تأكيدا لهذا المعنى، جاء في المادة الحادية عشرة من ميثاق
الأسرة في الإسلام ما يلي: (الزواج الشرعي: هو الوسيلة المحددة على سبيل الحصر
لإباحـة اقتران الرجل بالمرأة و الأساس الوحيد لبناء الأسـرة. و قـد حرم الإسلام
كافة الصور الأخرى للعلاقة بين الرجل و المرأة و لو سميت زورا باسم الزواج، كما
حرم كافة الدواعي المؤدية إليها).
فسلوك هذا
المنهاج الذي ارتضاه الله لعباده يستوجب رضاه عنهم، لذلك فالزواج على مقتضى شرع
الله تعالى هـو عبادة و طاعة و قربى له سبحانه بكل ما في الكلمة من معنى.
الباحث في شؤون الأسرة ذ وحشي عبد العزيز
تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...