F
ميابيلا ميابيلا
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...

همسة خاصة إلى كل من ضاقت عليه نفسه

همسة خاصة إلى كل من ضاقت عليه نفسه


همسة خاصة إلى كل من ضاقت عليه نفسه
همسة خاصة إلى كل من ضاقت عليه نفسه


ما أحوجنا أن نستفيد من العبر التي تجود بها الحياة من خلال أحداث متغيرة، تتداول بين سائر البشر بلا محاباة.


  من قلبي همسة خاصة ، ودعوة صادقة إلى كل من ضاقت عليه نفسه ، وضاقت عليه الأرض بما رحبت لينفض عنه غبار الهموم، ويبدأ صفحة متصالحة مع الحياة ، بفلسفة جديدة ونظرة سديدة ، تتحدى كل ما يمكن أن يسلب سلامه الداخلي، وتناغمه الذاتي
لقد حان الوقت لتنعم براحة أنت صانعها ولا أحد سواك.

أريدك أن تتأمل ، إلتفت حولك ، انظر لابد ستجد نفسك ترفل في نعم كثيرة حرم منها آخرون ، ولم يدركوا قيمتها إلا بعد أن تجرعوا مرارة الفقد ، وعاشوا الحرمان .

وإني أهمس لك همستي هاته من تجربة عشتها شخصيا، بعد أن نزلت بي طارقة من طوارق الدهر، فغشىّ الظلام أيامي كما يغشِّي الليل النّهار، وملأ الخوف كياني ، واعتراني ما اعتراني .. لدرجة خيل إلي أني معلقة ما بين السماء والأرض ، بين الحياة والموت ، وثابر عليّ الداء حتى جعلني روحا تـتـقـعـقع في إهاب وعظم ناحلين ، واهنين ؛ خيال شاحب مصفر، وتنكرت لي الحياة ، فأصبحت باهتة ، وخالية من كل معنى.

رأيت الموت والحياة مجتمعين في تجليدي الممدد بلا حراك ، وقد رق لحمه ، وهش عظمه، وضمرت عضلاته  ، وملأته النـدبـات ، وتآكل من انعدام الحركة.

لن أنسى يوما ، كنت منومة في المستشفى ، وكنت أشم رائحة كرائحة اللحم المتعفن منبعثة من مكان غير بعيد ، فتوجهت لأختي مستفهمة عن مصدرها ، لكنها نفت قائلة : ان الغرفة نظيفة أشرف على نظافتها بنفسي ، ومفرش السرير أيضا غيرته قبل قليل فقط .

استغربت فمصدر الرائحة كان قريبا، وفي كل مرة أسألها كانت تنكر مخافة أن تفزعني .. 

كانت تخفي عني حقيقة قرحة تأكل جسدي أكلا صامتا ينذر بقدري المحتوم ، لم يجد الدواء ولا المضادات الحيوية في كف شراهتها وشراستها .. 
كثيرا ما كنت أتأمله مستغربة فأرى روحي الحية حبيسة جدرانه . كأنه لم يعد جسدي بل شيء غريب عني لا أعرفه ولا أفهمه .

أمعقول أن يكون هذا هو الجسد الذي كان يتحرك بخفة هنا وهناك قبل برهة من الزمن !

أمعقول أن يتحول الجمال والقوام الممشوق إلى بقايا وأطلال بهذه السرعة !

لا زلت أذكر، عندما استيقظت من الغيبوبة فوجدت أجهزة في كل جسمي ورأسي مشدود بإحكام يمنعه من الحركة. حاولت جهدي أن أحرك شفتاي لأتكلم كما جرت العادة بيد أني سمعت صوتا بلا حروف ، حشرجة تتردد في انفاسي لا أحد يفهم مغزاها سواي ، عرفت فيما بعد ان سببها فتحة في القصبة الهوائية ، استعاض بها الاطباء عن الفم كي يمدوني بالأكسجين .

أما النوم، فلم أعد أعرف له طعما، استجديت أغلب الحبوب المنومة بلا طائل. عشت مع الحرمان من هذه النعمة تجربة صعبة زهاء الثلاث سنوات أو أكثر، حيث كان المرور على الصراط أهون علي من مقاسات الكرى كل ليلة. فكنت أضرع الى الله كلما هوى اللـــــيل بأجنحته أن أنام نوما مسترسلا بلا انقطاع أو ألم، كي لا أزعج أحدا بتأوهاتي ونداءاتي المتكررة .

وأدركت كم هو جميل وممتع أن تشتهي طعاما ، وتتلذذ بتناوله ، حين كان يقدم لـي أيـسر الزاد فلا أجد له في نفسـي قابلـية أواشتـهاء ، وإن وجدت فلا أستطيع مضغه .

أضحى الشلل يقعد سوادي الضئيل ، ويلقيه على كرسي أو على السرير، وضعيتان لا ثالث لهما، اعتقدت لمدة بأن الأمر مؤقت وسرعان ما يزول المصاب، وتعود إليّ الحياة، وتعود نفسي إلى نفسي .. كنت أترقب اللحظة التي أقف فيها وامشي مجددا ، فأرخي سمع احساسي عساني أشعر بأي إشارة تبشر بدبيب الشفاء . صار المشي الذي كان بالأمس أمرا عاديا بديهيا ، حلما أتوق له كما تتوق كل الأسرة .

رجوت تحقيقه ، ليس لأجلي بالدرجة الأولى ، ولكن لأجل زهرتيّ واحبتي ، لأجل أبي وأمي اللذان لم يرقأ لهما دمع مذ الحادث . كان قلبي ينفطر كلما رأيتهما على تلك الحال ، لأجلهما كنت أسطنع رباطة الجأش ، وأرسم ابتسامتي المعهودة العريضة بحجم أوجاعي ، لأطمئنهما أني بخير لم يتغير فيّ شيء ، دعواتهما كانت تمنحني السكينة ، وتنسج لي لباس العافية النفسية ، وتجعلني مستعدة لمواجهة المجهول بصدر أعزل من الأمنيات دون خوف ولا وجل . 

مرت علــينا أيـام وأيام ، عالجنا فيها الآلام ، وذاقت معي أسرتي الموت الزؤام .

لأول مرة أعرف بحق ، معنى أن يكون الإنسان بصحة وعافية متأنّقا ، متنعّما بسابغ المنح ، مستغنيا عن الخلق . عزّة و نعمة عظيمة تتجلى فيها رحمة الخالق بعباده وأفضاله عليهم ، بيد أننا لا ندرك فضلها ونحن ننعم بها . أسـأله سبحانه تعالى أن يعرفكم نعمه بدوامها ..

عن حاتم الأصم أنه قال : اربعة أشياء لا يعرف قدرها إلا أربع الشباب لا يعرف قدره إلا الشيوخ ، والعافية لا يعرف قدرها إلا أهل البلاء ، والصحة لا يعرف قدرها إلا المرضى والحياة لا يعرف قدرها إلا الموتى .

هكذا ، أبى المرض إلا أن يعلمني ، ويصوغ شخصيتي ويشكلها شكلا آخر، بفــــــــكر آخر، يقدر الأمور على حقيقتها ، سافرة من كل غبش وزيف ، لأعيش بأفكار جسمي الحاضر الذي ما عاد بحاجة للوقوف على قدمين، وقد طغت روحانيته على بشريته وطبيعته الطينية المتهالكة ، وفما ضيره بعد الفوز بمعية رب الثقلين .

إن هاته الكلمات تبوح لك عن مكنونات نفسي ، وكل مناي أن لا تتيه عن غايتها ، في الولوج الى أعماقك لعلها تمسح على صفحة قلبك المثخن بالجراح او ربما تساعدك في التغلب على أحاسيس أوقعتك فيها الملمات، و تأخذ بـــيدك للخروج من سخام الاحباط ؛ لأن مشاكل الدنيا تهون أمام تنعمك بعافية الصحة ، ولا شيء يستحق في هذه الحياة  ولا حتى الأشخاص أن تعكر صفو أيامك لأجله صدقني. ارم عنك أثقالا أرهقت حمولتها كاهلك منذ زمن ، وتأكد أن كل ما تمر به اليوم من ظروف ومقاسات ما هي إلا فترات مؤقتة وستمر، فهوّن عليك ، تصبر ، أثبت وامض في طريقك مؤزّرا بعون وتوفيقه ، واعذرني إن أثرت شجونك لكــــني أردتك أن تعرف أني أشعر بما تشعر به لأني عشـــته، ورأيته عين اليقين.

ودمتم بسلام ووئام  مليكة

" إني أتألم مثلك ولكني أقل خوفا من الموت وأكثر أملا في الحياة " بينما أقول أكثر أملا في الله إزابيل الليندي

    

عن الكاتب

مليكة بالكشة صانعة محتوى وكاتبة مقالات على عدة مواقع، متتبعة لسبل التعليم الذاتي والتطوير المستمر، تم اختياري في 2015 سفيرة لمنصة إدراك التي نهلت من مبادراتها الكثير. كنت أول مغربية تحظى بهذا اللقب، واعتبرته وساما وشّح مسار تعلمي، شحذ همتي لطموحات اخرى في الانترنت الذي أتاح لي فرصا ما كانت لتحقق لولا تيسير الله للجني من محامده التي لا تجحد. مما رسّخ قناعتي بأن أفضل سبيل للتغلب على الصعوبات التي تعترض طريقنا، هو الإنجاز والصمود أمام المواقف ومواجهتها بمرونة وعدم تشنج أوانفعال. ولإيماني بأن تغيير نمطية التفكير عندما يكون بفلسفة المحبة تكون طاقته أعلى في التأثير، حركتني عاطفة جياشة لتأسيس مابيلا، التي أشارك بها تجربتي كما تجارب إنسانية أخر ربما تنفع أو تعين شخصا، بطريقة ما، في تحسين جودة حياته، كما أدوّن أفكارا في مواضيع حياتية مجتمعية أناقشها ليس كطبيبة، ولا مختصة، وإنما كإنسانة تعلمت مما جادت به مواقف الحياة المختلفة، بعد تجربة مرضية غيرت مجرى حياتي بالكامل.. وجعلتني أصمد وأقف قوية في أشد حالات الضعف.. وعلمتني بأن ما ندركه في أوقات الألم لا ندركه أبدا في أوقات الدعة والدلال.. وأن ما نمر به يوميا من محن ومرارات ليس عبثيا.. بل حكمة الهية لتغيير اتجاه بوصلة قلوبنا للأوبة الخالصة إليه سبحانه.. مليكة بالكشة

التعليقات

No

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

ميابيلا