رزقها الله بـ 34 بنت بعد اكثر من 30 سنة من الانتظار والشوق
![]() |
رزقها الله بـ 34 بنت بعد اكثر من 30 سنة من الانتظار والشوق |
سمعنا بقصص أمهات رزقن بعد سنين من العقم والانتظار ، بتوائم يصل عددهم إلى أربع توائم ، خمسة وفي حالات نادرة جدا إلى 12 . لكن هذه السيدة رزقها الله بـ 34 طفلة ، بعد أن ظلت تبحث عن حلم الأمومة لأزيد من ثلاثين سنة ؛ كانت تحلم فيها بطفل أو طفلين يلونان عليها الدنيا .. لم استطع مقاومة دموعي وأنا أحضر مادة هذا الفيديو، بكيت بحرارة من شدة تأثري بقصتنا اليوم، و ذكرت قول الله تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} البقرة:216. وهي إهداء لكل إنسانة لم ترزق بأطفال ...
كتب كل من الخطيبين إسمي ولديهما على خاتم الخطوبة ؛ فتحيّة كتبت إسم ' وليد ' ، وعبد العال كتب إسم فتاته ' أمنية ' .. تزوجا وكانا سعيدين جدا ، مرت سنة ، والسنتين ، ثم الثلاثة دون مجيء وليد ولا أمنية
طبعا بدأت تلح عليهما ضرورة إجراء فحوصات عن سبب تأخر الحمل .. لكن ما حدث لم يكن في الحسبان .. كل الفحوصات أجمعت بكون مسألة إنجاب طفل في حالتهما إستحالة محسومة طبيا ولا داعي أن يضيعا جهدهما وأموالهما في محاولات يائسة . صدما طبعا، تخيل إنسان يصفع بخبر كالصاعقة بأنه لن يصبح أبا أو لن تصبح أما أبدا، الخبر ليس سهلا أبدا على أي شخص هذا طبيعي .. مرت عليهما لحظات صعبة في البداية . لكنهما لم ينصاعا لكلام الأطباء ، واجتهدا بطرق الأبواب ، وأجادا في اتخاذ الأسباب .. قاما بكل ما يلزم من حلول ممكنة أتيحت حينها ، بيد أن العقبة ما كان في وسعهما تخطيها ، وإرادة الله شاءت رزقا آخر ، تعجز عن فعله حيل الطبيب ... رضي الزوجان بالحال الواقع ، وتيقنا أن أمر الله ما له من دافع . فطوي الإثنان عن سرهما مخافة تدخل أهلهما في الموضوع ، فيفسد هدوء واستقارار العش السعيد .
واصلا مشوار الحياة معا على قلب شخص واحد . كان الحاج عبد العال نعم الزوج كريما رحيما بزوجته الحاجة فتحية ؛ المرأة النجود الودود التي بادلت الكرم عطاء فوق العطاء ، والرحمة حبا ووفاء ، وكانت له على حد تعبيره أما ، وأختا ، وصديقة ، وزوجة ...
لم تكن لفتحية وعبد العال تجارب كبيرة في الحياة غداة ارتباطهما ، كانا شابين كأي شابين يافعين في عمر الصبا ، الحاجة فتحية موظفة في وزارة المالية تبلغ من العمر 17 سنة ، والسيد عبد العال في سن 24 ، يشغل منصبا في هيئة قناة السويس ، لكنهما رغم ذلك تمكنا من احتواء بعضهما ووضعهما بفطنة وذكاء ... ومرت الأعوام ، عاش خلالها الزوجان متوادين متراحمين على الدوام . لم يتأففا من بعضهما يوما ، ولم يتحدث أحدهما عن الآخر عتابا أو لوما .. فزادهما الله من فتحه ، وبسط لهما من فيض فضله وعطائه . وهذا بديهي ، لأن التفاهم والتراحم سبحان الله ما أن يجتمعان في بيت إلا ويجلبان معها الرزق والعطايا من كل صوب ، كما حدث مع نموذج فتحية وعبد العال، خير مثال يفند الاعتقاد الخاطئ من كثرة ما يظهر من شقاق أسري، أن الخلاف بين الأزواج هو الساري ، وأن مثل الثنائي انقرض في زمن عاد بالمرأة لوضع السّراري ..
وفي يوم كانت ماما فتحية في عزاء أحد المعارف ، استأسد عليها همّ جارف ، حين سمعت بنات يبكين أمهن المتوفاة ويدعين لها بالرحمة . عندها تساءلت ، من سيدعو لي إن غادرت أنـا الحياة ؟
تكالبت عليها الأفكار والهموم ، وتأبّى عليها تلك الليلة النوم . وألهمها الله لفكرة تفتح لها أبواب السماوات، وترفع بها الدعوات، قررت أن تتعلم القرآن وتعلمه للنساء، فيكون لها أجر وحسنة على كل آية تعلمها لأولئك النسوة ، وتكون لها دعوة بظهر الغيب في بيت من بيوت الله ، وكم تكون سعادتها عظيمة كلما أخبرتها واحدة من تلميذاتها بأنها تذكرتها بدعوة في الحرم المكي.
لكن فتحية كانت تطمح، وتحلم بأكثر وأكبر من هذا، أرادت أطفالا يدعون لها بلا انقطاع آناء الأسحار وأطراف النهار، وكاشفت زوجها برغبتها الشديدة في تبني بنيّات أخيار، وأتته بخطتها السديدة حول تبعات القرار، بادرها عبد العال بالترحيب، وسارع فورا بالترتيب. جمع الإثنان على بناء بيت فسيح يضعان فيه كل مدخرات سنين الغربة ببلاد الخليج …
جهزت فتحية البيت بما يلزم لإستقبال فلذات الأكباد، وأتى أخيرا اليوم الموعود ، أتى يوم قدومهن لحضنها. يحكي السيد عبد العالم قصة طريفة وقعت في ذلك اليوم السعيد، أنه ذهل عن العناية بطفلة وسط الكم من الأطفال الذين كانوا يبكون حولهما، وحين انتبه إليها أخذها بحضنه يدفئ رجليها الباردتين بصقيع الشتاء، ثم صعد بها إلى غرفته.. من يومها وهي لا تطمئن إلا في حضنه من شدة تعلقها به وتعلقه بها إلى يومنا هذا، وكذلك رحمته بباقي الصغيرات بلا استثناء، ورحمته بأمهن أيضا، كان لهن جميعا نعم الأب العطوف.
ما أجمل أن تجد لك في الخبر أعوان ، يحثونك على الإحسان .. لم تكتف فتحية بتبني طفل أو حتى عشرة ، بل تبنت 34 من البنات اليتيمات تخيلي معي الوضع ، بينما الواحدة منا تتذمر أحيانا لطلبات ومتطلبات طفلين من صلبها.. لقد كانت الأم فتحية لهن وطنا وسكنا .. رئِمتهن وأحبتهن أكثر مما تفعل الأم الحقة لولدها ؛ تدرس و تلبّس ، تتعطف وتترأف ، تطعم وتعلم ... تفرّغت لرعايتهن تفرغا كاملا ، ودواما كاملا ، تلبي احتياجاتهن ، وتوفر سبل راحتهن . يزيد شذاها على صغيراتها حنانا وحبا، كلما احترق عودها تعبا .. كانت تشعر بمنتهى المتعة رغم ما تكابده من مشقة ومشاكسة ..
كيف لا، وقد أضحى الحلم الذي كانت تعيش أحداثه في يقظتها، حقيقة بأدق التفاصيل ؛ أسرة مؤلفة من أب وأم و34 بنيّة ، دفء أسري ربما تفتقده عوائل كثيرة لهم أبناء من صلبهم .. كلمة ' ماما ' التي حرمت الأم فتحية من سماع رنتها لـ 35 سنة ، تطرب لها اليوم مئات المرات من بناتها الأربعة والثلاثين ، صحيح لم تنجبهن ، ولكن أمومتها وعطاؤها لهن تعدى حدود الوصف .. تربي وتأدب .. تستيقظ فجر كل صباح ، تحضر الإفطار ، تجهز السندويتشات ، ثم توقظهن وتوضبهن للذهاب للمدرسة ، بمساندة الأب عبد العال الذي يحرص على تعليمهن في مدارس اللغات ، وينفق عليهن كما ينفق الأب الرحيم على أولاده .
" لو اشتكيت من شقاوتهم هقول كتير، بس شقاوتهم حلوة أوي وعلموني أعلي صوتي وأصرخ وأجري طول اليوم وراهم مع أن رجليّا بتوجعني ".
أردفت السيدة فتحية أنها لم تكن لها دراية تامة بأمور التربية في البداية ، لأنها لم تنجب ، ولم تعش تجربة الأمومة من قبل ، وهذا ما تسبب لها في بعض الضغوط النفسية ، قبل أن تكتسب الخبرة بخوضها هذه التجربة الفريدة ، لدرجة جلعتها قادرة على فهم بناتها بمجرد النظر في أعينهم .
وعقبت أنها أصبحت مدركة لمراحل نمو الفتيات ، وأنـها تراعـي تـقدمهن في الـسن ، وبلوغهن مرحلة مهمة في تكوينهن على المستويين العقلي والنفسي . مسترسلة : " لما بلاقي البنت بدأت تعاندني وتجادلني، بسكت وأسيبها لحد متطلع كل اللي جواها، وبعدين بفهمها غلطت في إيه وتتصرف ازاي ».
بنفس اللقاء مع منى الشاذلي ببرنامج « معكم منى الشاذلي »، كشفت فتحية أن المسئولية التي باتت تحملها هي وزوجها على عاتقهما بقدر ما هي تزداد جسامة مع كبر البنات اللاتي تجاوزن 17 سنة ، بقدر ما يزداد شعورها حلاوة وغبطة .. وهمّهما الآن هو تعليمهن أحسن تعليم بأفضل الجامعات حتى تتمكنّ كل واحدة منهن من إيجاد فرصتها في سوق العمل .
تضيف السيدة فتحية أنها ستبقى على العهد حتى تجهز بناتها بنفسها لأزواجهن ، وتفرح بتبوئهن مناصب مشرفة في المجتمع.
بداخل كل أنثى أمّ وإن لم تنجب؛ الأمومة ليست بالإنجاب .. الأمومة صفة حاضرة بالفطرة، الأمومة عاطفة تولد مع الأنثى وتكبر مع الأيام لتربطها بأطفال من حولها حتى وإن لم تنجبهم، فتنسج بينهما وشائج وعُرى تفوق عرى الدّم والقرابة… ورُبّ أمٍّ ربّت وكبّرت، أعطت وحنت ، خير من أم قست وتخلت.
تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...