F
ميابيلا ميابيلا
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...

ربي وليداتك قبل ما يتكفل الزمن بتربيتهم قصة سحر بناني والتهامي بناني

 


ربي وليداتك قبل ما يتكفل الزمن بتربيتهم 


الابناء هم زينة للآباء في الدنيا وذُخر لهم في الدار الآخرة .

    جمم مغريات، تؤثر على أولادنا، كما تؤثر علينا، ومتاهات تأخذهم منّا، كما تأخذنا منهم، مكرهين بالجري وراء الرزق والقوت اليومي، ومن الأشياء التي تشجيني رؤيتها هاته الأيام، فتاة وفتى يحتضنهما التيه، يغرر بهما كل سفيه، وآباء انقطعوا مكرهين إلى طلب الرزق والقوت، وتأمين مستقبل الأولاد، وبعدا يخيب أملهم في ولد من أولادهم، ويبور جهدهم في تقويم اعوجاجهم.

ما دفعني لقول " ربي وليداتك قبل ما يتكفل الزمن بتربيتهم هو قصة سحر بناني والتهامي بناني " ، وحال يعيشه الآباء اليوم إلا من رحم ربي، ومنهم من تفجّع كبده على ضياع فلذته في مستنقعات الرذائل، وتصرف دراهم السنين في بيوت لعلاج المدمنين، أو عند أطباء نفسيين .. "فلا هو كيتهنى بالمال ولا بالعيال " 


أحبتي، ما ضمن مستقبل الأولاد دار أو عقار ولا تكديس دينار، وإلا لضمنه من هو لاهث في جمع ثروة بأي طريقة كانت، المهم أن يعيش مسرور، يشتري الدور ويسكن القصور، في حين يكابد المجاهد وُعورة السعي ليكون مستور، يدأب العمل لتغطية متطلبات أطفاله، منفقا الغالي والنفيس في مصاريف مدارسهم الخاصة واحتياجاتهم المادية، بينما يغفل متطلبات واحتياجات أهم.. وفي النهاية، يسفر مطاف الطائفة الأولى والثانية على السواء؛ عن أولاد ضعاف، على غير قدر زمانهم، تتملّكهم شهواتهم وتسوقهم إندفعاتهم وعواطفهم، يريدون الثمار في متناول اليد، واهني العزم، خائري القوى، لا يتحمّلون مطبات الحياة وعوارضها، ولا يسطعون فرض مكانتهم في المجتمع.. 


شواهد العصر كثيرة، تحز في النفس على نماذج من جيل اليوم مثل قصة سحر، وردت منذ فترة على لسان صاحبتها بأحد الفيديوهات على يوتيوب، شاهدته لقطة بلقطة - لأول مرة أتابع فيديو دون تخطي أو تسريع وخاصة على تلك المنصة - ورق قلبي لحالها ومآلها الهزيل بعد عز وجاه، تقول: 


" لم أكن أدر بوجود فقر في المغرب، وأن هناك في الضفة الأخرى من بلادنا كادحين ومحتاجين يعيشون بـ 100 درهم، لم أكن أفقه في الحياة سوى ما كنت أراه في أسفارنا الكثيرة خارج المغرب، وما كنت أعيشه في بيتنا الفخم من بذخ وترف، كان أبي يدللني كثيرا بعكس أمي التي كانت صارمة معي وتمنعني من الخروج بمفردي أو الذهاب إلى حفلات اعياد الميلاد التي يقيمها زملائي من أصحاب الطبقة المخملية، ومن حرصها الشديد وخوفها كانت هي من يقلني بسيارتها من المدرسة الى البيت ومن البيت إلى المدرسة -الطريق الوحيدة التي كنت أعرفها في المغرب- لكن عندما توفيت أمي بالسرطان، مرض أبي وتدهورت صحته جراء السكر، وتغيرت حياتي تماما وماكان محرما ممنوعا، صار مباحا متاحا.

خرجت إلى العالم الخارجي، وتفاجأت بما رأيته كأني كنت مغمضة العينين وفتحتهما لتوي، كنت ساذجة، أصدق ما يقال لي من أي شخص أصادفه.. إلتقطت أنفاسي وتذوقت أخيرا طعم الحرية التي كنت محرومة منها، بدأت الخرجات والسهرات الليلية وأخذت الأمور منحى مغايرا تماما، خاصة بعد تعرفي على شاب -ابن شخص رفيع المستوى- رافقته ذات ليلة إلى صالة قمار، ومن يومها بدأت رحلة المعاناة مع إدمان اللعبة ثم المخدرات...

خسرت نفسي، وخسرت بطيشي في مدة قصيرة ما تركه لي والدي من ثروة طائلة، حتى الفيلا التي رفضت امي بيعها كي تغطي تكاليف العلاج، بعتها بثمن بخس هي الاخرى ..

وحين استيقظت من غفوتي وزال جاثوم الضلال، اكتشفتُ بعد فوات الأوان، أن أمي ما منعتني إلا خوفاً وحبّاً لا جُرماً كما ظننت، وتمنيت لو أنها حاورتني وشرحت لي يومها لربما كان الواقع غير الواقع ولما صرت إلى ما صرت إليه …" القصة طويلة حاولت اختصارها، وأتوقف هنا موجهة كلمتي للأمهات (عافاكم يا امهات رجاء، تقربن من أولادكن، اهتممن بهم، ليس للمساكين غيركن، اسمعن لهم وحاولن تفهّمهم  ) 


وبعد أن غُلّقت دونها الأبواب وتنكر لها المجتمع والأحباب، خرجت لمواقع التواصل تروي سحر بناني تجربتها بنفسها، موجهة رسائل للفتيان والفتيات وكذا الأمهات، لعلها تصلهم وتكون عبرة ودرسا لمن كان له قلب، ثم ختمت اللقاء مستنجدة بطلب عمل شريف ولو بـراتب 1000 درهم، يكفي احتياجاتها الاساسية من دواء وماء وكهرباء.. 

فَالناسُ  هَذا  حَـظُّهُ مـالٌ وَذا 🌸🌸 عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ
وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً 🌸🌸 بِالعِلمِ  كانَ نِهايَةَ  الإِملاقِ


قصة التهامي بناني؛ شاب 17 سنة الذي قتل في ظروف غامضة، تاركا أمه المسكينة بحسرتها، وقد أضناها السير في قص أثر خيط دخان الحقيقة التي تبخرت مع جثة ولدها المجهولة المصير، فبحّ صوت المكلومة بالمطالبة بحق مهدور لولدها المغدوربلا جدوى منذ 2007.


أحبتي، تغذية أولادنا بحب الله وربط صلتهم به سبحانه، هي عروة نجاتهم،  وأكبر ضمان في مجتمع لا يحمي السذج، ولا يرحم الضعفاء، ولا يعذر الجهلاء، وهذا دورنا نحن كأولياء، وسنسأل عنه أحفظناه أم ضيعناه. 

كل ما يحدث، يحثنا على وكد الجهد في تمتين علاقة أبنائنا بربهم منذ صغرهم، ومن حقهم علينا تجنيد انفسنا لحمايتهم وتسليحهم إيمانيا ومعنويا ثم علميا وماديا، من حقهم علينا تربيتهم باللين مع الصرامة؛ توجيههم بالحب والإقناع، لا بالقهر والاخضاع، بالمصاحبة الملازمة لحفظه من خَبث الرفقة وسوء المنقلب. 

لكن، ما المقصود بالتربية؟ هل هي الرعاية ؟

 ذكرت بعض أبجديات التربية لمن أراد الرجوع لها من هنا 

يحصل خلط عند البعض بين الرعاية والتربية، والحقيقة أن هناك فرقٌ شاسع بينهما؛ لنتأمل معا مصطلح التربية في اللغة الذي هو مشتق من ثلاثة افعال : فعل ربا يربو، بمعنى زاد ونما، فعل رَبّ يَرُب على وزن مدّ يمُدّ، بمعنى أصلح الشيء، وتولّى أمره، وساسه وقام عليه ويقال: ربّ الشيء أي أصلحه، أو ربّيت القوم أي: سُستَهم "وفعل رَبِي يَربىَ، بمعنى نشأ وترعرع  و تربيةُ الطفلِ اصطلاحا هي تعزيزِ ودعم التنشئة النفسية والجّسدية السّليمة، يعرفها  الدكتور رشراش عبد الخالق بأنها الرعاية الشاملة والمتكاملة لشخصية الإنسان من جوانبها الأربعة الجسدي والنفسي والعقلي والاجتماعي بهدف إيجاد فرد متوازن يستطيع إصابة قوته واستمرار حياته والتكيف مع بيئتيه الطبيعية والاجتماعية. ¹


إن من يرعى ليس كمن يربي، فالأول يطبّب، يوفر احتياجات تهم الجانب الفيزيولوجي، حفاظا على نسق المظهر وحسنه؛ من غذاء وكساء... بينما الثاني يضم الى ما ذكر، بناء المبادئ والقناعات وتحديد معايير الخطأ والصواب وفق ما أطره الشرع، وشتان بين الإثنين..

التربية عملية تهذيب وتأديب، مصاحبة مستمرة، تبتدئ من الولادة حتى مشارف سن السادسة، بل منهم من يقول "بأن التربية تبدأ بعشرين سنة قبل ولادته وذلك بتربية أمه "، وتمتد في نظري حتى نهاية عمره ، لكن في هاته المرحلة يتولى الزمان بدون رحمة مهمة ذلك . 

فالطفولة تعتبر الركيزة التي تبنى عليها الشخصية، وتحدّد مسار الحياة كاملا، وكلما كانت ثابتة ومتينة كلما كانت المراحل التي تليها أهون وأأمن. 

وبالتالي، فمن الأهمية بمكان في واقعنا الحالي، أن نحرص في تربيتنا على المضمون، بنفس حرصنا على الشكل، ونراجع أساليبنا دوريا، و نتراجع عما ثبت تقادمه وعدم نجاعته، فنسعى لتحسين وتطوير مهاراتنا التربوية لتواكب المتغيرات المتواترة مع هاته المستجدات العولمية.


لابد أيضا، من تحديث آليات التربية، وتجديدها باستمرارحسب كل جيل وحسب ما يوائم الزمان والمكان، ولا أعني الثوابت والقواعد العامة للتربية، إنما أعني المنهجية والأسلوب في التعاطي مع اكراهات فتحت علينا وأولادنا جبهات غير مسبوقة، وإن وجد بعضها فليس بنفس الحدة والشراسة التي نشهدها اليوم.


قد يتبادر للذهن هنا السؤال التالي؛ هل إن حصل تجاوز، و فاتنا تأسيس الطفل وتأديبه بينما هو طري العود، نرفع راية الانهزام - "ونقولو صافي فات الفوت" ؟ أقول والله أعلم،  للأسف تكون هناك خسائر، كان من الممكن تفاديها لو كنا ركزنا على سنّ الطفل الأولى التي يكون فيها طيعا في تشكيل شخصيته، وفي أتم استعداده لغرس القيم السليمة والمبادئ القويمة.. لكن الوضع يمكن تداركه رغم صعوبة ما يتطلبه من عوامل مساعدة تؤازر المجهود المبذول.

    أذيّل كلامي مذكّرة، بأن سلامة أبنائنا في الدنيا والآخرة وصلاح حالهم، كل ذلك مقيّد بالتقوى وصلاح عملنا نحن الاباء، ومدى إحساننا في تربية خلفنا.

دمتم بسلام ووئام - مليكة


{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [ النساء: 9] وفي أية أخرى { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحا } [ الكهف : 82]

 

  

عن الكاتب

مليكة بالكشة صانعة محتوى وكاتبة مقالات على عدة مواقع، متتبعة لسبل التعليم الذاتي والتطوير المستمر، تم اختياري في 2015 سفيرة لمنصة إدراك التي نهلت من مبادراتها الكثير. كنت أول مغربية تحظى بهذا اللقب، واعتبرته وساما وشّح مسار تعلمي، شحذ همتي لطموحات اخرى في الانترنت الذي أتاح لي فرصا ما كانت لتحقق لولا تيسير الله للجني من محامده التي لا تجحد. مما رسّخ قناعتي بأن أفضل سبيل للتغلب على الصعوبات التي تعترض طريقنا، هو الإنجاز والصمود أمام المواقف ومواجهتها بمرونة وعدم تشنج أوانفعال. ولإيماني بأن تغيير نمطية التفكير عندما يكون بفلسفة المحبة تكون طاقته أعلى في التأثير، حركتني عاطفة جياشة لتأسيس مابيلا، التي أشارك بها تجربتي كما تجارب إنسانية أخر ربما تنفع أو تعين شخصا، بطريقة ما، في تحسين جودة حياته، كما أدوّن أفكارا في مواضيع حياتية مجتمعية أناقشها ليس كطبيبة، ولا مختصة، وإنما كإنسانة تعلمت مما جادت به مواقف الحياة المختلفة، بعد تجربة مرضية غيرت مجرى حياتي بالكامل.. وجعلتني أصمد وأقف قوية في أشد حالات الضعف.. وعلمتني بأن ما ندركه في أوقات الألم لا ندركه أبدا في أوقات الدعة والدلال.. وأن ما نمر به يوميا من محن ومرارات ليس عبثيا.. بل حكمة الهية لتغيير اتجاه بوصلة قلوبنا للأوبة الخالصة إليه سبحانه.. مليكة بالكشة

التعليقات

No

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

ميابيلا