من خريجة هندسة إلى صاحبة ماركة ملابس ناجحة Arwa fashion للمحجبات

   السلام عليكم أطلت الغياب مجددا ، معذرة ، فأحيانا تكون الظروف أقوى من أن نقاومها ، اللهم نتقبلها وننتظر انقشاعها لننطلق اقوى وانقى ونحلق ارقى. ولعل مقال اليوم يشفع لغيابي فيكون انطلاقة محفزة للباحثين عن التمكين المالي ، لأنه مُنكّه بتجربة مثمرة لطالبة ماستر في التسيير المالي ، شابة ناجحة شرعت العمل من المنزل ، مستغلة نطاق صالونها الصغير في معمل خياطة ومكان تصوير واستقبال للزبوناتها ، لتتحول بعدها من خريجة هندسة إلى صاحبة ماركة ملابس  ناجحة ومحتشمة للمحجبات اسمتها اروى فاشن Arwa fashion ... 

لماذا هذه القصص ؟

لأن آلاف الشباب العاطلين عن العمل في مجتمعنا المغربي والعربي ، يتلمّسون طريق النجاة ، يريدون الإحتذاء بنماذج نفذت من براثن البطالة ووصلت للاستقرار المادي كي يستلهمون من مسارهم . خاصة وأننا نجد آلاف الكتاب تناولوا قصص الناجحين بعد وصولهم ، لكن من النادر أن نجد من كتب عنهم وإلتفت إليهم بينما هم في بداياتهم .. لذا فمرادي من هذا النوع من المقالات، أن أقدم لمحة مختصرة عن أشخاص بيننا لم تسلط عليهم الأضواء ، قاسوا نفس التحديات والضغوطات ، غير أنهم استطاعوا الوقوف رغماٖ عن أنف الأوضاع. منهم كوثر فضيل التي مرت بمنعطفات الإخفاق قبل أن تقتحم السوق بماركة ملابس محجبات ، تُصدر لجميع المناطق داخل المغرب وخارجه . 

عاشت طفولة عادية في كنف أسرة بسيطة كأغلب الأسر المغربية التي تعيش بالكفاف والعفاف ، تكابد شظف العيش في سبيل توفير الضروريات لأطفالها .
الظروف الصعبة أنضجت تفكيرها وجعلتها مرهفة الحس ، بعيدة التفكير منذ الصغر ، درست بتفوق طيلة مسارها الدراسي .

 ومثل الكثير من طالبات علوم رياضية حلمت بالوزرة البيضاء، .. وما أن اقتربت من الهدف حتى طاش السهم عن مرماه، ولم تحصل في الثانوية العامة على معدل يؤهلها لبلوغ حلمها ، فاتجهت لمدرسة التجارة والتسيير ENCG . درست فيها بجد وكانت ترغب في ولوج  المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات iscae ولم يقدر لها ذلك.. 

للمرة الثانية تعاكس إرادتها المشيئة الالهية ، أصابها اليأس ، تدمرت نفسيتها وقضت وقتا طويلا في تأمل الأحداث واكتشاف عوالم الذات ، أيقظ مواهب الأنثى الغافية بداخلها وصارت تميل لتفصيل الأثواب وقصها بدل تطبيب الاجساد وعلاجها من أدوائها.

فانجال الهم عن قلبها بدخولها عالم  l'esthétique في السنة الرابعة من خلال مشروع بسيط ، موّلته لها السفارة الأمريكية ضمن برنامج الشراكة لتمويل المشاريع الصغيرة في مدينة الجديدة  ، عملت به توازيا مع دراستها ولم تظن أن هذا المتنفس سيأخذ لُبّها ويغير مسار أهدافها كلية .

وبعد تخرجها ، رفضت خوض غمار المباريات إذعانا لرغبة والدها ، وقررت أن تتبع شغفها وتكمل في عالم الفاشن للمحجبات .

لكن ماذا عساها تفعل بمعلومة ، نزّرتها خبرة معدومة .. !

 كانت مقتنعة أن دخول مجال الخياطة من زاوية الهواية ليس كدخوله من زاوية التخصص وعشقها له لن يطوع مقصا ولن يحرك مخيطا ..ولذا أزمعت إتقان أصول الفن الذي آثرته عن الانخراط في السلك الوظيفي كمهندسة .

انكبت كوثر الفضيل تدرس عمليا في ميدان بدا لها بعيدا عن دراستها ، حجّت أولا إلى مدينة فاس تروم الحصول على تدريب متخصص ، بعدها اشتغلت سنة 2018 في معمل بمدينة الدار البيضاء غير أن صاحبه لم يلتزم معها كما عهدته في البداية فتركت العمل . 

فبدأت هنا تتولّد لديها فكرة إنشاء مقاولة مستقلة ، تغنيها عن التنقل والتعامل مع أشخاص ينقصهم الالتزام والوفاء بالعهد .

وفي يوم تناهى إلى علمها خبر مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي تتولى تشجيع روح المقاولة لدى الشباب ضمن " مركز المقاولات الصغرى التضامنية" بتقديم ما يلزم مشاريعهم من آلات تصل قيمتها لـ 10000 درهم.     قدمت للقرض ايضا وحالفها الحظ باختيارها من بين المستفيدين ، مما أعانها على فتح ورشتها مستعينة ببضع فتيات علّمتهن ووزعت بينهن الأدوار، كما حظيت بدعم والدها الذي كان رافضا في البداية لفكرة تخليها عن الهندسة واشتغالها بحرفة كان من الممكن أن تستمر فيها كهواية إلى جانب عملها الوظيفي .

صرحت كوثر في وقت سابق لليوتيوبر الراقية مريم بركات صاحبة قناة كليك كوك بأحد حلقات برنامج " كاين شي فطور ، أنها ارتكبت أخطاء كثيرة في هذه المرحلة ،  قادتها لهاوية الفشل وضياع المال نتيجة جهلها بالتسويق والإعلان والإشهار Ads وغيرها من أسرار المجال ، ما دفعها لتعلّم قواعد اللعبة من جديد .

ضريبة الخسارة ساعدتها على اكتساب مهارات التسويق في وقت سريع ، فتمكنت من تبيّن طريقها للنجاح من خلال ثغرات الفشل التي مرّت بها . 

كانت هذه نبذة عن مسار كفاح شابة ، استغنت عن وظيفة الدولة وفضلت عملا حرا أحبته .. وقد أنشأت موقع Arwafashion للملابس النسائية المحتشمة تحمل ماركتها الخاصة ، كما افتتحت قبل أيام محلا في العاصمة الاقتصادية .. 

وتعتبر كوثر من صناع المحتوى الذين يرشدون الشباب والشابات الباحثين عن فرص في سوق العمل الى جانب مساهماتها في العمل الخيري الانساني.

إن العبد إذا أراد وأجاد سخر الله له الكون وما فيه  ، وكما يقول ابن القيم " على قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيق الله له وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم " ، فأشحذ همتك أيها المقبل على مشروع { فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنون } لا تخشى الوقوع في الأخطاء لأن في ذلك إغناء لحقيبة تجاربك ، وبلورة لتفكيرك الابداعي الخلاق شريطة استخلاص الدروس والتعلم منها ، وليس من العيب ارتكابها في مبتدأ المشوار ، بل ان العيب في الإحجام خوفا من المجازفة بتشييد صرح عمل حر يمنحك الرفاه النفسي والمالي.

كيف تغلبت على إخفاقاتها ؟

 عدم تركيز كوثر على حالات الاخفاق وعيشها نتيجة الانجاز كأنها حقيقة مع التكوين المستمر ، هون عليها المشاق وكان يعطيها الحافز على الاستمرار وكلما صدق العزم اتضح السبيل ،

ماذا تعلمت كوثر ؟

تقول " بالنسبة لي من اهم الدروس التي تعلمتها .. أن أكون مرنةً مع الحياة، لا شيء قطعي، يمكن أن أكون مقتنعة بشيء اليوم ويمكن أن اكتشف شيءً جديداً الشهر القادم يجعلني أغير من مخططاتي.. تعلمت أيضا أن اَسمح لنفسي بالخطأ، أنا هنا لأتعلم .. قد أخطئ وقد أسهى .. "ما عليش" عليَّ أن أكون شجاعة .. أعتذرُ وأستمر.. تعلمت أيضا أن الكون فيه قانون الأخذ والعطاء .. اِعط تُعط… اِعطي من علمك، من وقتك، من مالك .. سيبارك لك الله .

تعلمت ان أستثمر في ذاتي، اِشتري كتبا جديدة، أستثمر في دورات، أستشير مختص … وأهم شيء أن لا أقلق بشأن الرزق، الله هو الغني، الواسع.  و كما قال الحسن البصري رحمه الله: علمت أن رزقي لن يأخذه غيري فطمأن قلبي "

 وعلى قدر الجهد تكون القطوف 

    إن العبد إذا أراد وأجاد سخر الله له الكون وما فيه  ، وتذكر كوثر فضيل كنموذج للذين بدأوا من تحت الصفر وارتكبوا اخطاء نعم ، لكنهم في نهاية المطاف طوروا أعمالهم من صغيرة ومحدودة إلى أخرى واسعة النطاق ، يكبرونها اكثر كل يوم ليكون لها إسمها الوازن في السوق. 

مؤسسات تقدم الدعم للمقاولين الصغار حتى لـ 20 مليون

   بدء عمل تجاري ليس بالأمر السهل ، وأول ما يقف حجر عثرة في الطريق هو عدم وجود رأس مال كافٍ ، ولذا وفرت بعض المؤسسات الحل لكل من تعمل من البيت وتحلم بمحل مستقل ، ولكل من لديه فكرة مشروع ويبحث عن سلف ..  

لكن قبل التفكير في توفير المال يجب أن تكون لدينا رؤية واضحة ، ونضع نصب اعيننا أنه سيستغرق الوقت والجهد ، إضافة إلى ما يتطلب من تصميم ، ذكاء وعقلية مرنة تساير واقع اليوم ، علاوة على التركيز والكثير من المرونة والصبر اكيد… 

وهذه الصفات لا تتوفر في الجميع ، وإن لم تكن لديك فهذا لا يعني أنه لا يمكنك اكتسابها في سبيل مشروع يكفل استقلاليتك وينقذك من شعور اللاجدوى ، ويكون مصدر دخل حلال ، عذب زلال ، يدر عليك أموالا كنت تطمح لها .. 

قد يهمك مشاهدة نموذج التاويل مع منى من هنا

لننتقل الآن إلى أهم المؤسسات التي تدعم القروض الصغرى التضامنية وتمول مشاريع المستثمرين الجدد لتذليل الصعوبات من خلال تقديم الدعم التقني والتدريب والتكوين بواسطة محترفين مع المواكبة المستمرة اضافة الى مساعدات مالية عينية بفائدة ودون فائدة وبدون ضمانات شخصية ؛ مثل مركز المقاولات الصغرى التضامنية لمؤسسة محمد الخامس للتضامن ، و" انطلاقة " Intilaka Dreamjob البرنامج يقوم بتتبع وتلبية احتياجات المستفيدين في كل المراحل من : المرحلة المبكرة: التخطيط. واحتضان المشاريع. المساعدة في تخطيط المشروع ، ووضع خطة العمل ، وتقديم المشورة المالية والمساعدة في إعداد ملف القرض.  مرحلة إنشاء الأعمال: المساعدة في عملية التخطيط والترخيص 
مرحلة ما بعد التأسيس: إدارة الحساب. الاستشارة والتدريب. والأموال المتاحة. المساعدة القانونية والدعم لضمان استدامة ونمو الأعمال التجارية ؛ توفير الوصول إلى المعلومات المحلية والإقليمية 
مرحلة الشدائد: دعم خارجي لإدارة الازمات وللمزيد من الشرح توجه الى هنا  ،

 نجد ايضا شبكة ريادة الأعمال المغرب   Réseau Entreprendre Maroc وهذا الاخير أنصح به إن كنت ترغب عزيزي الزائر وعزيزتي الزائرة  في تمويل بدون فائدة نهائيا، توكل على الله وتواصل مع  شبكة ريادة الاعمال في صفحتها على الفيسبوك  من هنا ، فهذا البرنامج على غير المثالين السابقين يقدم القرض نقدا تصل قيمته ل 100000 درهم ، طريقة التقديم وكل الشروحات ستجدونها في الاسفل

دمتم بسلام ووئام