قوة الكلمة وطاقتها | لها سلطان وأثر لا يستهان
![]() |
قوة الكلمة وطاقتها | لها سلطان وأثر لا يستهان |
لها سلطان وأثر لا يستهان ؛ كلمة واحدة تمتص الصراع و تحتويه ، وكلمة واحدة تؤججه وتغذيه.. كلمة أنقذت أرواحا ، وكلمة قطعت رؤوسا وتركتهم أشباحا ..
'' والله حفضنا ويحفضكم من لي يسلم ويبوس والشر فقلبو وكلامو مدسوس ''
للكلمة حكايات توثقها ردود الأفعال ، وتؤرخها ذاكرة التاريخ عبر الأجيال .
يموت الفتى من عثرة بلسـانه
وليس يموت المرء من عثرة الرجل
ضُرب لها مثل في القرآن فقال جل من قائل في سورة إبراهيم { ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الظالمين ويفعل الله ما يشاء }
من منا يكره أن تكون له شجرة ذات ثمار دانية لذيذة يقطف منها ويتلذذ بطعمها كل لحظة. القرآن بديع البيان في تصويره الفريد للمحسوس بالمحسوس ، نستشف منه الخصيصة التي خص الله بها الكلمة الطيبة دون غيرها المعاكسة في المعنى و الأثر، و إن فسر علماؤنا مدلولها في الآية بأنها كلمة التوحيد ، لكن يبقى مدلولها العام واحد ، وطريقها أيضا واحد في رفع قدر قائلها عند الله وعند مستقبلها ، أو إرداء قائلها ومتلقيها في هـوّة سحيقة؛ القائل في النار وبئس القرار، والمستقبل في مشاعر سلبية إن ساء الاختيار { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } سورة فاطر .
فكم من كلمة تركت أثرا طيبا يحيى في نفوسنا ، وكم كلمة تركت جراحا غائرة لا تندمل ، تؤلمنا كلما تذكرناها كأننا نسمعها للتو .
للمفردات ترددات كونية ، ووقع عظيم ليس على النفس الانسانية فحسب ولكن حتى على الجمادات والكائنات، وقد جرت فعلا أبحاث ودراسات بهذا الصدد، ولعل من أشهرها دراسة الباحث الياباني ماسارو إيموتو مؤلف كتاب رسائل من الماء وصاحب نظرية بلورات الماء التي توصل إليها بعد دراسة التأثيرات التي تحدثها قراءة البسملة وسور القرءان على جزئيات الماء .
الكلمة لها طاقة لا يستهان بها ، وأخلاقيات وفنون أضحت تدرس في معاهد متخصصة في فن التواصل ، وفن الخطابة والاتيكيت عبر ربوع العالم . ومن المواصفات الأساسية التي يتميز بها الرجل السياسي المحنك هي إتقان لغة الجسد إلى جانب امتلاك مهارة الحديث أمام الصحافة والجماهير .
من المعيب جدا أن نستهين نحن المسلمين بالكلمة في تعاملاتنا ، وأن نطلق سراحها بلا تدبر لتخرج على عواهنها دون وعي للعواقب ، ودون اكتراث لأثرها على متلقيها ومستقبلها ، وقد تحدث عن الموضوع في شهوة الكلام إن أردت الرجوع إليه .
وشرعنا الحنيف نبهنا لخطورتها { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } سورة ق آية 18 ويقول سبحانه { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبيـنا } الإسراء 53
إن الشيطان متربص بالإنسان يترقّب منه كبوة اللسان ، غايته ومناه أن يوقع النزاعات والخصومات بين الأنام ، فيقـلّ الاحترام ، ويتندّر الـود ، وتستشري القطيعة والجفاء .
إن للكلمة الطيبة لسحرا ، أينما استعملتها أتت ثمرا وأُكلا : في التربية ، في العلاقات الاجتماعية، في المعاملات التجارية ، في السياسة في الأدب .. أثرها الطيب لا يخفى على لبيب . وإنه لمن أدب النفس وتقواها ، وشعار تزكيتها وهداها الكلام الطيب الجميل الذي يـقود صاحبه إلى دروب الفضيلة والمكرمات ، فيصبح صاحب أفضال بأقل التكاليف .
جميعنا نحتاج هذه الأيام لعذب الكلام من أجل بعث الأمل ، واستبدال الطاقة السلبية المحيطة بنا بطاقة المحبة والسلام. جعلني الله وإياكم ممن صفت قلوبهم و لانت ألسنتهم ، ففطنوا للكلمة وسلطانها الذي لا يستهان ، فتخيروا منها الأحسن والأجود حتى صارت عندهم الإجادة في الكلام عادة ، وجبر الخواطر أحسن عبادة .
ودمتم بسلام ووئام مليكة
تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...