F
ميابيلا ميابيلا
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...

كيف تحطم مجتمعا كاملا في ثلاث خطوات


كيف تحطم مجتمعا كاملا في ثلاث خطوات

 

كيف تحطم مجتمعا كاملا في ثلاث خطوات



       العنوان كان مضمونا لمحاضرة ألقاها 'ألكسندروفيتش يوري بيزمينوف' عميل استخباراتي سابق عام 1983، شاهدت من مدة مقطعا منها على احد المنصات. الفيديو قديم لكنه استوقفني، كأنه ترجمة دقيقة لما نعيشه اليوم !

 

كيف تحطم المجتمعات من غير قتال أو قنابل، فقط "بتخريب كل شيء له قيمة في بلاد عدوك". الامر شبيه " بالأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة " التي تحدثوا عنها، يتعلق بفن يتسنّم فنون الحرب الحديثة، ابتكره الكاتب الصيني 'سون تزو' وهو خبير عسكري ومؤلف كتاب " فن الحرب"، يرى بأن الحرب "قضيّة حياة أو موت، وهي طريقٌ إمّا للبقاء أو للاندثار. لذا فهو موضوع ذي استحقاق ولا يمكن إهماله مهما كانت الأسباب". 


مبتدأ مشوار التغيير والتدمير - حسب الفيديو- ، يكون بتفكيك أخلاق جيلها الصاعد الذي يمثل شريانها النابض، ينوه 'يوري بيزنوف' في تصريحه كشخص خبر عن كثب ما يدار في علبة اسرار النفوذ العالمي، بدور وسائل الإعلام في برمجة العقول والمعتقدات بطريقة ناعمة مستساغة لا يكاد يشعر بها المرء. الكلام ليس جديدا ربما ولكن شرحه بهذا التفصيل هو الغريب، والأغرب رؤية نتائجه في الواقع وقد فُعّل بحذافيره.


إذن "كيف تدمر مجتمعا في ثلاث خطوات" يلامس نقاط حساسة في شرحه 'نظرية القضاء على أمة بأسرها' وكيفية تحقيق ذلك في خمس سنوات؛ بين 15 إلى 20 سنة، الفترة معلومة ومحددة دون غيرها. كما يضيء تساؤلات حول من يتحكم في هذه العمليات وكيف يمكن تحقيق هذا التأثير البالغ على الأفراد.

الإعلام يعتبر آلية اساسية في العملية، لانها تعمل بنجاعة في تشتيت الانتباه عن القضايا الأساسية، تزييف الصورة الحقيقية للأحداث والمفاهيم. ناهيك عن فتحها الباب لإشباع الرغبات والنهم من الملذات، مشجعة الكائن على الاقبال على الدنيا بكل ما اوتي من شهوة دون كوابح.


بداية، لماذا هذه الفترة بالذات؟


الفترة ليست فترة زمنية عادية واختيارها لم يأتي اعتباطيا. إنها دورة تكوين جيل واحد من الشباب، أهم فترة تبرز فيها ايديولوجية الكائن وشخصيته، تتبلور أفكاره، مبادئه. حسب الفيديو، ان المدة الزمنية جوهرية في تشكيل الفرد وتحديد توجهه الفكري والعقدي بناء على ما تلقاه من قيم وتعاليم البيئة التي تنشّأ وترعرع فيها، فتتضح رسالته وأهدافه في الحياة.


وإن طُمست معالم الطريق وشُوّشت الرؤية فكيف للمرء أن ينطلق في وجهة صحيحة محددة! لهذا يكمن سر التركيز عليها في اجراء الغسيل الدماغي الذي يمهد لتغيير القناعات وتشويه المثل والمعتقدات. 


أما مخطط التفكيك - حسب العميل- فيقوم على مجالات مدروسة؛ الدين ، التعليم ، الحياة الاجتماعية ، السلطة ، النقابات ، القانون والنظام. وضحه في اربع خطوات:

  • قطع الصلة مع المصدر والقوة العليا، عبر استهداف المرجعية وتشويهها، تنحية الدين والاستخفاف به وبتعاليمه واستبداله بمنظمات خادعة وطوائف زائفة وتيارات فكرية واعتقادات تتغذى على خرافات وثقافات شعبوية. وكلما انصرف الناس عن الايمان الحقيقي، كلما جاعت أرواحهم وسهل ابعادهم عن الهدف واقتيادهم لأي اتجاه من اتجاه الأهواء والميولات الجنسية الشاذة عن الطبيعية، ينهموا منها بلا شبع ولا رادع، فتبعدهم تدريجيا عن المنهج السوي وتتآكل ثوابتهم وهوياتهم وانتماءاتهم.
  •  تقويض الاخلاق، الخطوة يمكن دمجها مع الخطوة السابقة وهي تحتاج لخمس سنوات تلك الفترة المؤطرة بين 15 إلى 20 سنة، تتم عبر مختلف وسائل الترفيه، الاستدراج بالدعايات المغرية، خلق بطولات زائفة، طمس القدوة، تسييس الدين... وسائل الإعلام تلعب دورا هاما في تشكيل الرأي العام وبرمجة العقول والمعتقدات بطريقة ناعمة مستساغة لا يكاد يشعر بها المرء. فالاستهداف الإعلامي يمثل جزءا هاما في هذه العملية، وهو يعمل بنجاعة على تعظيم هالة التافهين وتوجيه الانتباه عن القضايا الأساسية، بفتح الباب على مصراعيه لإشباع الرغبات والنهم من الملذات، مشجعا الكائن على الاقبال بكل ما اوتي من شهوة دون كوابح، ناهيك عن تزييف الوجه الحقيقي للأحداث والمفاهيم.


  •  تقويض التفكير النقدي وطمس المعرفة؛ بتثبيط الهمم والعزيمة عن تعلم أشياء مفيدة أو بناء مهارات حقيقية. نشر علوم زائفة تافهة. بدلا من تعلم فنون الطب وعلوم الفيزياء والرياضيات والكيمياء ، علم تاريخ الحروب الحديثة والأطعمة النباتية والاقتصاد المنزلي والميول الجنسية والكيتو والريجيم والتجميل وعلوم الطاقة والتأمل والسر الاعظم أي شيء لا قيمة له المهم تعليم أي شيء لا يبلّغ لشيء.

  • ضرب المؤسسات التنظيمية التقليدية: بقتل روح المبادرة، نزع حس الولاء والمسؤولية اتجاه الروابط ( الاسرية والعائلية) والصلات الطبيعية بين الأفراد والمجتمعات ككل، واستبدالها بكيانات واهية وبيرواقراطيات هشة؛ جهات مثلا أو اشخاص يمكنهم اختراق عقلك، وانتهاك خصوصيتك، "لم يعيّنهم أحد ولم ينتخبهم احد ، والغالبية لا تحبهم لكنهم موجودون" ولهم أثرهم وزنهم، أول هاته الجهات الإعلام بأسمائه البارزة ومؤثريه الذين لم يُنتخبوا ولم يختاروا من أحد، و"قوتهم تكاد تكون محتكرة في عقلك" .

وسائل الإعلام تستغل لخدمة أجندات محددة وخطيرة، بتوجيه فئات من المجتمع ( مضطربين نفسيا وعقليا، من مجرمين بسطاء ووو ) وفقا لاهدافهم، وعندما ينجح التخطيط في تحريكهم مرة واحدة نحو اتجاه معين، هنا يبدأ الانهيار عمليا.   


وبديهي أن يخلُق الاستغراق في المتع الفورية، جيلا فارغا ايمانيا هشا نفسيا وفكريا، يصعب عليه الاعمار والتحليل النقدي المنطقي كما يصعب عليه تقدير القيم التي تجعله ومجتمعه متماسكا وثابتا في القمة. 


أختصر ما ذكر في عريضتين:

- معاول التدمير تحاول استهداف الفرد في اهم مرحلة من تكوّنه وصياغة وعيه، بالتشجيع على تبني مبادئ وقيم مغايرة للقيم الأصيلة السامقة التي ينبغي أن يُعلّم ويعامل بها ككائن مكرّم، عاقل ومسؤول، حر من عبودية الهوى وحبال النفس والشيطان. 

- تشتيت الانتباه عن القضايا الأساسية والروحانية، والتركيز بدلاً عن ذلك على جوانب أخرى تستخف بالروحانيات الحقة والمثل النبيلة باستغلال وسائل الإعلام وتوجيهها لخدمة غايات معينة. 


 هذا كلام السيد، وأعتقد أن الامر يتطلب مراجعة الاحداث والتأمل في التحديات التي صادفتها وتصادفها المجتمعات. 

تهلاو فصحيحتكم وليداتكم هما راس مالكم ودمتم بسلام ووئام - مليكة


المصدر

ابو راغب، طارق. (2019). هام وخطيررررر يوري بيزمينوف عميل سابق لدى الإتحاد السوفيتي جزء من محاضرة له سنة 1983 بعنوان كيف تخرب الشعوب وتتحكم بها. فيديو. الرابط من هنا

عن الكاتب

مليكة بالكشة صانعة محتوى وكاتبة مقالات على عدة مواقع، متتبعة لسبل التعليم الذاتي والتطوير المستمر، تم اختياري في 2015 سفيرة لمنصة إدراك التي نهلت من مبادراتها الكثير. كنت أول مغربية تحظى بهذا اللقب، واعتبرته وساما وشّح مسار تعلمي، شحذ همتي لطموحات اخرى في الانترنت الذي أتاح لي فرصا ما كانت لتحقق لولا تيسير الله للجني من محامده التي لا تجحد. مما رسّخ قناعتي بأن أفضل سبيل للتغلب على الصعوبات التي تعترض طريقنا، هو الإنجاز والصمود أمام المواقف ومواجهتها بمرونة وعدم تشنج أوانفعال. ولإيماني بأن تغيير نمطية التفكير عندما يكون بفلسفة المحبة تكون طاقته أعلى في التأثير، حركتني عاطفة جياشة لتأسيس مابيلا، التي أشارك بها تجربتي كما تجارب إنسانية أخر ربما تنفع أو تعين شخصا، بطريقة ما، في تحسين جودة حياته، كما أدوّن أفكارا في مواضيع حياتية مجتمعية أناقشها ليس كطبيبة، ولا مختصة، وإنما كإنسانة تعلمت مما جادت به مواقف الحياة المختلفة، بعد تجربة مرضية غيرت مجرى حياتي بالكامل.. وجعلتني أصمد وأقف قوية في أشد حالات الضعف.. وعلمتني بأن ما ندركه في أوقات الألم لا ندركه أبدا في أوقات الدعة والدلال.. وأن ما نمر به يوميا من محن ومرارات ليس عبثيا.. بل حكمة الهية لتغيير اتجاه بوصلة قلوبنا للأوبة الخالصة إليه سبحانه.. مليكة بالكشة

التعليقات

No

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

ميابيلا