أسرار كيمياء اللمس في التواصل الإنساني
جرت العادة أن نستعمل اللمس في علاقاتنا الاجتماعية أثناء التحية عن طريق المصافحة باليد ، الأنف ، التقبيل ، العناق. ولكن اللمس في لغة الجسد له أبعاد ومعاني أعمق من هذا بكثير نحتاج إليها جميعا كبشر حتى نشعر أفضل.
فاللمس فن من فنون التواصل الجسدي سحره لا يقل قدرا عن سحر الكلمة الطيبة ، والبسمة السمحة حيث يحتل ضمن قاموس الاتصال الإنساني مكانة سامقة تضارع مكانة الكلمات في الاعراب عن مشاعر إيجابية لا حصر لها كالثقة والمودة والتعاطف .
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي قسوة قلبه فقال له إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين وامسح على رأس اليتيم صدق رسول الله
لا جرم أن اللمسة الحانية، الحنون على من نحب أو على رأس محتاج أو صاحب كرب، ينعكس سحرها إيجابا على نفسية اللامس قبل نفسية الملموس، كما أن لها مفعولا عجيبا في تليين القلب، و تقصيــر الشقة للوصول إلى قلوب الآخرين وكسبها.
أعطيك على سبيل الذكر، موقف يتكرر معي كثيرا عند رغبتي في تناول الدواء مثلا عافاكم الله، فهناك من يتكرم ويأتيني به، ويساعدني في أخذه غير مقصر جزاه الله خيرا، وهناك من يناولني إياه مطبطبا على يدي، وهناك من يعطينيه مبتسما حانيا داعيا مُقبّلا.
فهل سيستوون جميعا في درجات القرب الى الله وفي الدخول إلى شغاف جناني، هم مأجورون جميعا لا شك، لكن من له السبق في الاحسان وحصد الأجر كله ؟ من سيكون له الأثر الأكبر في نفسي ؟
لقد أبانت دراسات عدة أثر اللمس في نمو الطفل، وقدرته الهائلة في تحسين المزاج، منح الشعور بالراحة، تخفيف التوتر وتسكين الألم النفسي، حيث يعمل على افراز هرمونات السعادة : السيروتونين والدوبامين والأوكسيتوسين.
وفي علم النفس الإيجابي فطن العلماء لهاته النقطة وكثفوا أبحاثهم في الأعوام الأخيرة ليثبتوا الحقيقة التي لا مراء فيها أن ملامسات بسيطة ومتكررة يمكنها أن تقلل الشعور بالوحدة ومن ضغط الدم أيضا، إضافة لرفع انتاجية الأداء المدرسي عند التلاميذ و المدرسين.
وعند المتزوجين تتدخل اللمسة كي تضفي مشاعر الألفة و الدفء كما سأوضح ذلك في مقال قادم بإذن الله على ساسة بوست
من المعلوم أن العلاقات الاجتماعية المتكاثفة تنمي المشاعر الإيجابية في النفس الانسانية وتحميها من الكآبة والضيق الناتجين عن العزلة التي استشرت في مجتمعاتنا..
لا أدري لماذا أصبحنا أشحاء مع بعضنا، آليين جامدين في تعاملاتنا، نشكوا الجفاء وقلة الوفاء، ونحن من غيبنا هاته التفاصيل الصغيرة المنسية التي تمنح حياتنا معنى كآدميين ' إن هناك جوعا للحب والتقدير في هذا العالم أكثر من الخبز '
إن لغة اللمس مهارة لا يملكها الكثير، ولا يقدر على القيام بها إلا قليل القليل، ربما لأنهم لا يعون أسرار كيميائها في التواصل الإنساني، أم لم يتعودوا عليها.
أملي يا من تقرؤوا ترانيمي أن تكونوا من هذه القلة، وتجعلوا هذا السلوك من شيمكم، وسجاياكم الثابتة مع محيطكم.
ودمتم بسلام ووئام مليكة
تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...