تضاعف معدل الطلاق في المغرب إلى 300 ألف حالة مع نهاية سنة 2022
منذ سنوات ومؤشر الطلاق في المغرب يعرف تزايدا تصاعديا، بيد أنه سيسجل مع نهاية السنة الحالية 2022 أعلى مستوياته مقارنة بالعامين الفارطين حسب ما وثقته إحصاءات رسمية أخيرة، تؤكد بأن "طلبات الطلاق قد تقترب في نهاية السنة من 300 ألف، في وقت لم تتجاوز 100 ألف حالة سنة 2021 ، وما يقارب 50 ألفا في سنة 2019 " °°
حيث أفاد ذات المصدر " أن محاكم الاستئناف في المغرب سجلت 20372 حالة طلاق عام 2020، بينما سجلت المحاكم الابتدائية 68995 حالة طلاق الشقاق، فيما بلغ عدد حالات الطلاق الاتفاقي 24257 حالة، والطلاق الخلع 6611 حالة. " °°
معضلة اجتماعية خبرتها عن كثب بحكم اشتغال زوجي في القضايا الأسرية كقاضي الأسرة لمدة تنيف عن 15 عام، مما أتاح لي الاطلاع على الكمّ الضخم لملفات الطلاق التي كان يتم احصاؤها سنويا تحت إشرافه، وكنت أشعر بالأسف الشديد على شقاقٍ صار يستشري بين الأسر المغربية ويدفع ثمنه كل فرد من أفرادها.
تصدع الأسر المغربية بهذا المنحى الواضح في دعاوى الطلاق، تتباين وجهات النظر حول مسبباته؛ فرأي يرده لتداعيات فيروس كورونا التي ساهمت في تأجيج المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وإذكاء الخلافات الأسرية والمعاناة النفسية للأزواج الذين تكالبوا على المحاكم في حل نزاعاتهم أمام سهولة مسطرة الطلاق التي" جعلت جهود لمّ الشمل عبر مسطرة الصلح تبوء بالفشل في معظم الأحيان " - على حد قولهم - وهذا الأمر دفع البعض للمناداة بتغيير بعض ما نصت عليه مدونة الأسرة في تعديلها الأخير، حفظا لأركان الأسرة وطمأنينتها.
أما الرأي الثاني فيتهم الإعلام المفتوح المحرك لسعار الملذات المادية والغرائز السفلية، وهذا ما تؤكده هدى الرفاعي الاخصائية في علم النفس الاجتماعي في قولها "هذا جديد على مجتمعاتنا العربية، حيث وصل الأمر إلى تجاوز ما تسمح به قيمنا وعاداتنا الأصيلة، فكان نتاجا طبيعيا أن تنتج خلافات أسرية تقفز خارج أسوار المنزل، وتفكك استقرار الأسرة".
هذا الرأي صبّ لعناته على مواقع التواصل الاجتماعي الميسّرة لسبُل الخيانة الزوجية من الطرفين ' الزوج ' و ' الزوجة '، تقول احدى السيدات: "لا أرى زوجي إلا عندما يخرج للعمل ويعود للبيت، يقضي معظم الوقت في مكتبه خلف شاشة الإنترنت، لا يريد أن يزعجه أحد، بحجة أنه مشغول ودوما يغلق باب حجرة المكتب، مدعيا أنه يريد أن يكسر رتابة الحياة الزوجية ومللها، فيغرق نفسه في عالم الإنترنت حيث الإثارة والمغامرات". ° °
صوت مستغيث آخر من جهة زوج هذه المرة: "زوجتي تعرفت على العديد من الرجال من خلال فيسبوك وحتى واتساب، وهذا ما أثار غضبي، فهي بحثت عن إشباع عاطفي افتراضي وهمي في غرف الدردشة الصوتية حسب قولها، لكني لم أقبل هذا التبرير وقررت الانفصال عنها".
وبهذا الصدد، تعقب الاختصاصية هدى قائلة "إن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يزيد نسبة الخلافات الزوجية، مؤكدة إمكانية تطور تلك الخلافات بسبب إدمان التكنولوجيا إلى انفصال الزوجين وطلب الزوجة خاصة للطلاق."
في حين يفسر رأي اخير ارتفاع نسبة الطلاق بكثرة الأصوات المدافعة عن حقوق المرأة والداعية لإنصافها من بطش الرجل ، موجهة أصابع الإتهام للجمعيات الحقوقية والحركات النسوية المزدهرة هذه الأيام في مجمعاتنا العربية.
مؤكد، أن التحولات التي عرفها المجتمع المغربي، طبعت بصمتها على حياة المغاربة بكافة مناحيها، وكان لها أثر غائر على طبيعة تفكيرهم ومنظومة قيمهم، وهذه الصورة القاتمة، أنموذج لما عليه حال مجتمعات تعاني ما تعانيه من هشاشة نفسية واجتماعية.. والأنكى أنها تفتأ تتلقى يوميا أفواج من ضحايا الطلاق الممزقين، منهم يافعين وخُدّج لفظتهم أرحام أسرهم قبل اكتمال نموهم النفسي ..
ولمعالجة ظاهرة الطلاق، يؤكد معنيون على " ضرورة تكوين وتأطير الشباب المقبل على الزواج وخلق أفكار إيجابية داخل المجتمع ومؤسسات التنشئة الاجتماعية. وكذا مواجهة الأفكار السلبية المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، ورد الاعتبار إلى المعايير التي كانت سائدة في اختيار شريك الحياة بعيدا عن المصلحة الفردية بالإضافة إلى تحديد الأدوار داخل المنزل قبل الزواج خاصة بعد خروج المرأة إلى سوق الشغل وتشبث الرجل بدوره السلطوي والمهيمن على الأسرة ". °-°
وهو نفس التصور الذي ذهب إليه من قبل الأستاذ وحشي عبد العزيز وقد سبق ان نشرت مضمونه في سبيل تحقيق مقاصد الزواج وايضا في توجيهات هامة للمقبلين على الزواج .
إن تضاعف معدل الطلاق في المغرب والعالم العربي ككل، ينبئ بخطر داهم يلوح في الأفق، ويضع علامة استفهام تستنفر همة المعنيين بالأسرة والناشطين في حقوق الانسان وحقوق المرأة لعلهم ينهضون بهذا العبئ ويتقصون خبايا المشكل أملا في وقف النزيف أو أقلها يخف سيلانه.
دمتم بسلام ووئام - مليكة
تسعدني زيارتك كما يسعدني رأيك بالموضوع مؤيدا كان أو معارضا، فإن كانت لديك ملاحظة أو انتقاد فلا تتردد.. أكتب تعليقك هنا أو ملاحظتك وسأرد عليها بعون الله...